رسالة مفتوحة إلى الشيخ القرضاوي

بسم الله الرحمان الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبيه محمد خير المرسلين

أما بعد،

فضيلة الشيخ القرضاوي:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، نحمد الله إليكم الذي أنزل الكتاب آيات بينات ، ورفع الذين أوتوا العلم درجات ، وأخذ عليهم ميثاقًا بالصدع بالحق وبيانه وحذرهم من المداهنة فيه وكتمانه. و إن من المعلوم لديكم ما حبا الله به أهل العلم من منزلة عظيمة ، وأعطاهم من مكانة كريمة ، ولا غرو في ذلك ، فالعلماء هم ورثة الأنبياء ، ورثوا عنهم هذا الدين ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، وتمييع الظالمين المسرفين ، ويمثلون القدوة الحسنة والأسوة المثلى للأمة في النهوض بأعباء الانتصار للحق وإيثاره على ما عند الخلق .

و لا يخفى على فضيلتكم أن الله عهد للعلماء مواثيق غليظة أن يبينوا الحق للناس و لا يكتمونه فقال {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176)‏} و شدد على من يخون أمانة العلم فقال { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)}. و لا يكفي للعالم أن لا يكتم العلم إن سئل، بل إن الله فرض عليه إظهاره و تبيينه حتى لو لم يسئل عنه {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)}.

و قال رسول الله عليه الصلاة و السلام : (( إذا ظهرت البدع و ســــبّ أصحابي فليظهر العالم علمه ، فمن لم يفعل ذلك فعليه لــعــنــة الله و الملائكة و الناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفاً و لا عدلاً )). و قال أيضاً : ((مَا مِنْ رَجُلٍ يَحْفَظُ عِلْمًا فَيَكْتُمُهُ إِلا أُتِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلْجَمًا بِلِجَامٍ مِنَ النَّارِ)). (رواه الترمذي و أبو داوود و ابن ماجة و أحمد). و قال أيضاً : ((إِذَا لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا : فَمَنْ كَتَمَ حَدِيثًا فَقَدْ كَتَمَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ)). (رواه بن ماجة). و هذا قد تحقق فقد لعن آخر الأمة أولها عند الشيعة فعليكم أيها الشيخ بتبيين الحق من الباطل كما أمركم الله و رسوله.

و لا بد هنا أن نبين أن العلماء اختلفوا في تكفير عامة الشيعة أم في إعذارهم بالجهل. أما أئمتهم فقد انعقد إجماع السلف على كفرهم فلا عبرة لمن خالف من الخلف. و أقوال أهم العلماء تجدها في صفحتنا وهي أكثر بكثير من هذه لكننا حاولنا الاختصار ما استطعنا.

و لم يتوقف العلماء في تكفير الرافضة فحسب بل كفروا من توقف في تكفيرهم أيضا. فالإمام أبو حنيفة إذا ذكر الرافضة عنده كان دائماً يردد: (مـن شــك فـي كـفـر هـؤلاء، فـهـو كـافـر مـثـلـهـم).

و شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية يقول : (( اما من اقترن بسبه دعوى ان عليا اله او انه كان هو النبي وانما غلط جبريل في الرسالة فهذا لا شك في كفره بل لا شــــــك في كـــفــــر من تـــوقـــف في تكفيره وكذلك من زعم منهم ان القران نقص منه ايات وكتمت او زعم ان له تأويلات باطنة تسقط الاعمال المشروعة ونحو ذلك وهؤلاء يسمون القرامطة والباطنية ومنهم التناسخية وهؤلاء لا خلاف في كفرهم واما من سبهم سبا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف بعضهم بالبخل او الجبن او قلة العلم او عدم الزهد ونحو ذلك فهذا هو الذي يستحق التاديب والتعزير ولا يحكم بكفره بمجرد ذلك وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من العلماء واما من لعن وقبح مطلقا فهذا محل الخلاف فيهم لتردد الامر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد

واما من جاوز ذلك الى ان زعم انهم ارتدوا بعد رسول الله الا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا او انهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب ايضا في كفره فانه مكذب لما نصه القران في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم بل من يشـــــــــك في كفر مثل هذا فان كــفــره مــتــعــيــن.

فان مضمون هذه المقالة ان نقلة الكتاب والسنة كفار او فساق وان هذه الامة التي هي كنتم خير امة اخرجت للناس وخيرها هو القرن الاول كان عامتهم كفارا او فساقا ومضمونها ان هذه الامة شر الامم وان سابقي هذه الامة هم شرارها وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الاسلام ولهذا تجد عامة من ظهر عنه شيء من هذه الاقوال فانه يتبين انه زنديق وعامة الزنادقة انما يستترون بمذهبهم وقد ظهرت لله فيهم مثلات وتواتر النقل بان وجوههم تمسخ خنازير في المحيا والممات وجمع العلماء ما بلغهم في ذلك وممن صنف فيه الحافظ الصالح ابو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي كتابه في النهي عن سب الا صحاب وما جاء فيه من الاثم والعقاب)) الصارم المسلول ج: 3 ص: 1108 - ص: 1112

و هذه المقالة تنطبق على جميع علماء الشيعة حيث يذكر صاحب الكافي: (أن الناس كانوا أهل ردة إلا ثلاثة: المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي)( الكافي 8/245).

و الكافي عندهم أصح من القرآن. حيث عرضه على الإمام المعصوم فقال هو كاف لشيعتنا. فالطعن به هو طعن بعصمة الإمام و هذا يعتبر كفراً في الديانة الرافضية. و من الكتب مقطوع بصحتها عندهم: التهذيب ، والإستبصار ، ومن لا يحضره الفقيه. و حتى لو ادعى أحد عوام الشيعة (إذا أحرج في المناظرات) أن هذه الكتب ليست معصومة فهذا من باب ممارسة التقية. و نحن بتلك الحال نطالبهم بكتب حقيقية توضح لنا الصحيح و الموضوع في الكتب المذكورة أعلاه و هذا الطلب غير محقق أبداً. و في ما يلي ملاحظات عن فضل كتاب الكافي عند الرافضة:

الأصول في الكافي هو من عمدة كتب الرافضة بل من أجلها ، والكليني متوفي سنة 329ه وهو عندهم ثقة وقدوة ، وقد زعم صاحبه أنه ألفه في عشرين سنة. والكليني كان حيا في زمن الغربة الصغرى ، وهذا يقوي الرواية عند الرافضة أنه عرضه على الإمام المعصوم الغائب فاستحسنه وقال هو كاف لشيعتنا . ( انظر مقدمة الأصول في الكافي )

- قال الكليني نفسه يمدح كتابه في المقدمة : ( وقلت إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين ) . مقدمة الكافي .

- وقال عبد الحسين شرف الدين صاحب الكتاب الملفق ( المراجعات ) وهو يتكلم عن مراجع الرافضة ما نصه : ( وأحسن ما جمع منها الكتب الأربعة ، التي هي مرجع الإمامية في أصولهم وفروعهم من الصدر الأول إلى هذا الزمان وهي : الكافي ، والتهذيب ، والإستبصار ، ومن لا يحضره الفقيه ، وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها والكافي أقدمها وأعظمها وأحسنها وأتقنها ) . المراجعات ص 370 ، مراجعة رقم ( 110 ) . طبعة : مطبوعات النجاح بالقاهرة .

- وقال الطبرسي : ( الكافي بين الكتب الأربعة كالشمس بين النجوم وإذا تأمل المنصف استغنى عن ملاحظة حال آحاد رجال السند المودعة فيه وتورثه الوثوق ويحصل له الاطمئنان بصدورها وثبوتها وصحتها ) . مستدرك الوسائل ( 3 / 532 ) .

- وقال الحر العاملي : ( الفائدة السادسة في صحة المعتمدة في تأليف هذا الكتاب - أي الكافي - وتوافرها وصحة نسبتها وثبوت أحاديثها عن الأئمة عليهم السلام ) . خاتمة الوسائل ص 61

- وقال آغا بزرك الطهراني : ( هو أجل الكتب الأربعة الأصول المعتمدة عليها ، لم يكتب مثله في المنقول من آل الرسول ، لثقة الإسلام محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي المتوفى سنة 328 هـ ) . الذريعة إلى تصانيف الشيعة ( 17 / 245 ) .

- وقال العباس القمي : ( وهو أجل الكتب الإسلامية ، وأعظم المصنفات الإمامية ، والذي لم يعمل للإمامية مثله ، قال محمد أمين الاسترابادي في محكى فوائده : سمعنا عن مشائخنا وعلمانا أنه لم يصنف في الإسلام كتاب يوازيه أو يدانيه ) . الكنى والألقاب ( 3 / 98 ) . وغيرهم كثير أثنوا على هذا الكتاب الفاسد واعتبروه أصلاً من أصولهم .

- يقول محمد صادق الصدر : " ان الشيعة وان كانت مجمعه على اعتبار الكتب الاربعة وقائله بصحة كل ما فيها من روايات " الشيعة ص127 - 128.

فضيلة الشيخ

لقد نشرت رابطة أهل السنة في إيران بيانا تستنكر موقفكم الذي يندد باغتيال بعض مشايخ الشيعة في العراق ، بينما تسكتون بشكل مطبق على الإنتهاكات الفاضحة لحقوق أهل السنة في إيران. و مع ذلك لم نسمع لكم أي تعليق بعدها عن جرائم النظام الإيراني. فهلا تحمستم يا سماحة الشيخ و لو مرة واحدة لإخوانهم السنة كغيرتهم على الشيعة ؟!

و قد سألتك من قبل عن رأيك بنواقض الإسلام عند محمد بن عبد الوهاب فلم ترد على سؤالي. فإن أقررت بها فقد لزمك أن تكفر علماء الشيعة و إن لم تقر بها لزم أن تأتي بأدلة قوية ترد عليها. و ما زلنا ننتظر ردكم.

و قد كتبت حوارا مع أحد المعجبين لكم في موقعنا دون أن أذكر إسمك درءاً للفتنة و لأن المقال عام، و في موقعنا أيضا الردود على كثير من هذه الشبهات و خاصة عبارة الشيخ رشاد رضا (نتعاون في فيما اتفقنا عليه و يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه) . و أظن أنكم على اطلاع على محاولات جدية للتقريب مع الشيعة قام بها علماء مخلصون لهم مكانتهم العلمية الكبيرة و كلها انتهت بالفشل الذريع و بأن أعلن هؤلاء العلماء كفر الرافضة بعدما قرؤوا كتبهم و عرفوا بأن التقريب يتم من جانب واحد على حساب عقيدتنا. و من هؤلاء العلماء الأفاضل الشيخ رشاد رضا (في كتابه السنة و الشيعة) و الدكتور مصطفى السباعي (في كتابه السنة و مكانتها في التشريع الإسلامي) و الشيخ الغزالي و الشيخ البشير الإبراهيمي و غيرهم. فحبذا لو اعتبرتم من تلك التجارب و استفدتم منها فإن المؤمن لا يلدغ من حجر مرتين.

و أنا لست بوهّابي (إن صح التعبير) و لا بخليجي أصلاً. بل كنت أيضا من دعاة التقريب حتى اجتمعت مع الشيعة و قرأت كتبهم و فتاوى السلف عنهم أيقنت عندها بكفرهم و رجعت للحق.

و أنتم لم تكتفوا بعدم تكفير غلاة الرافضة بل و لم تقولوا بضلالهم أيضاً. و قلتم بأن الخلافات بيننا و بينهم من الجزئيات و لهم أجر واحد إن أخطؤوا!!!! فهل هذا يعقل يا شيخ و هل يجوز لمثلك أن يقول مثل هذا؟ هلا أطلعت فعلا على كتبهم و رأيت أن الخلاف بيننا جزئيات فحسب؟

إن كنت تدري فتلك مصيبة *** و إن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم

أسئلك بالله أيها الشيخ ، هل سب الصحابة من الجزئيات؟ هل لعن أمهات المؤمنات الطاهرات من الفروع؟ هل تفضيل الأئمة على الأنبياء كــافــة من الأمور التي يؤجر بها المخطئ؟ هل الإستغاثة بالأموات مقبول؟ إذهب يا فضيلة الشيخ إلى مواقع الشيعة و انظر الكفر الصريح بالله. إقرأ كتبهم تجد أقوالا لم يقلها مشركي العرب أنفسهم. و هذا موقع أنصار الحسين فيه مقاطع مسجلة بالفيديو لعالم شيعي يقول بتحريف القرآن و آخر يلعن الشيخان و الثالث يستغيث بالأموات.

إن فتواكم حول الشيعة لم تثمر في أي تقريب أو أي تعديل في سياسة إيران في إبادة أهل السنة و الجماعة. لكنها أدت إلى تدمير عقيدة الولاء و البراء عند كثير من المسلمين، و مكنت الرافضة من السيطرة على كثير من المؤسسات و المساجد التابعة للسنة و أدى هذا لتشيع الكثير من أهل السنة. و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.

سماحة الشيخ

إن صعب عليكم أن تبينوا الحق على عامة الشيعة فلتفعلوا بعلمائهم ممن لهم أقوال كفرية صريحة كما فعل إمامهم الخميني -عليه من الله ما يستحق-. فقوله (فإن للإمام مقاماً محموداً و خلافة تكوينية تخضع لولايتها و سيطرتها جميع ذرات الكون). و قوله ( إن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب و لا نبي مرسل). و قوله ( إننا لا نعبد إلهاً يقيم بناء شامخا للعبادة والعدالة والتدين ، ثم يقوم بهدمه بنفسه ، ويجلس يزيداً ومعاوية وعثمان وسواهم من العتاة في مواقع الإمارة على الناس ، ولا يقوم بتقرير مصير الأمة بعد وفاة نبيه ) . و قوله تحت قوله تعالى ( يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون ) قال : ( أي ربكم الذي هو الإمام ). و قوله نسبة لأئمته ( لنا مع الله حالات هو هو ونحن نحن ، وهو نحن ، ونحن هو ). و قوله ( ليس من الشرك طلب الحاجة من الموتى ). كل هذه الأقول كفر صريح لا يختلف به العوام فما بالك في العلماء؟

و لم لا تبينون حكم علماء الشيعة الكبار كالكيلاني (مؤلف كتاب الكافي) الذي ليس في الدنيا شيعي إلا و يستشهد به و يستفيد من كتبه. يقول في كتابه الكافي (( و كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كثيرا ما يقول أنا قسيم الله بين الجنة والنار أنا الفاروق الأكبر أنا صاحب العصا والميسم ولقد أقرت لي جميع الملائكة والروح والرسل بمثل ما أقروا به لمحمد ولقد حملت على مثل حمولته وهي حمولة الرب ، وان رسول الله يدعى فيكسى وأدعى فأكسى، ولقد أعطيت خصالا ما سبقني اليها أحد قبلي: علمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب فلم يفتني ما سبقني اليها احد ولم يعزب عني مل غاب عني،أبشر باذن الله وأؤدي عنه)) (الكافي1/196).

و يقول أيضا ((إن الدنيا والآخرة للإمام -يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء- جائز له من الله)). و يقول ((كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كثيرا ما يقول: أنا قسيم الله بين الجنة والنار.......لقد أوتيت خصالا ما سبقني إليها أحد قبلي علمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب فلم يفتني ما سبقني ولم يعزب عني ما غاب عني)) .

وذكر الكليني في باب : أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم شيء، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: (( إني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض وأعلم ما في الجنة وما في النار وأعلم ما كان وما يكون )) ص160. وكذا في أصول الكافي (( فهم يحلون ما يشاءون ويحرمون ما يشاءون ولن يشاءوا إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى )) ص 178. وذكر الكليني أيضا في باب: أن الأئمة يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيارهم، قال أبوعبدالله عليه السلام: أي إمام لا يعلم ما يصيبه فليس ذلك بحجة لله على خلقه ص158 ، مع أن الله تعالى يقول: ((قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله))، وقال تعالى: ((وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو))

إن هذا لكفر صريح و شرك عظيم واضح للعيان و يخالف كل ما هو معلوم من الدين بالضرورة. و مع ذلك لم نسمع لفضيلتكم بأي ذكر لأئمة الشيعة فما هو السبب يا ترى؟

إننا ندعوكم أيها الشيخ و قد كبر بكم العمر و قد كانت لكم أيام جليلة في خدمة الإسلام أن تبينوا للناس الحق و لا تلبسوه بالباطل و أن تلتزموا بقوله عز و جل {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ ...} و حديث رسول الله عليه الصلاة و السلام ((إِذَا لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا : فَمَنْ كَتَمَ حَدِيثًا فَقَدْ كَتَمَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ))

وفي الختام نسأل الله تبارك وتعالى أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه ، ويرنا لباطل باطلاً ويرزنا اجتنابه ، كما نسأله تعالى أن يولي أمورنا خيارنا ويصرف عنا شرارنا ، ونسأله السداد في القول والصواب في العمل والتوفيق لما يحبه ويرضاه في الحياة وحسن الختام عند الممات ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .