اسطورة تبرك الشافعي بالقبور

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه القصة هي من القصص العجيبة الغريبة التي تشكك في عقيدة أئمة المذاهب الأربعة ومنهم الإمام الشافعي - رحمه الله - فهذه القصة من الكذب الصريح على هذا الإمام الجليل والعالم النحرير .

أما القصة فقد ذكرها الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد بإسناده (1/123) عن السافعي أنه قال : إني لأتبرك بأبي حنيفة ، وأجيء إلى قبره في كل يوم - يعني زائرا - فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره ، وسألت الله تعالى عنده ، فما تبعد عني حتى تُقضى .

قال العلامة الألباني عن سند هذه القصة في الضعيفة (1/31ح22) :

فهذه رواية ضعيفة بل باطلة فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال ، ويحتمل أن يكون هو " عمرو - بفتح العين - بن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد التونسي وقد ترجمه الخطيب وذكر أنه بخاري قدم بغداد حاجا سنة 341هـ ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول الحال ، ويبعد أن يكون هو هذا إذ أن وفاة شيخه علي بن ميمون سنة 247هـ على أكثر الأقوال فبين وفاتيهما نحو مائة سنة فيبعد أن يكون قد أن يكون قد أدركه .
وعلى كل حال فهي رواية ضعيفة لا يقوم على صحتها دليل .ا.هـ.

وقد رد العلامة الألباني على الكوثري في نفس الموضع فقال :
وأما قول الكوثري في مقالاته : وتوسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكور في أوائل تاريخ الخطيب بسند صحيح . فمن مبالغاته بل مغالطاته ا.هـ.

وقد كذب شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - هذه القصة ورد على ما جاء فيها برد يروي الغليل فقال في اقتضاء الصراط المستقيم (2/692) :
... الثاني : أنه من الممتنع أن تتفق الأمة على استحسان فعل لو كان حسنا لفعله المتقدمون ، ولم يفعلوه ، فإن هذا من باب تناقض الإجماعات ، وهي لا تتناقض ، وإذا اختلف فيها التأخرون فالفاصل بينهم : هو الكتاب والسنة ، وإجماع المتقدمين نصا واستنباطا فكيف - والحمدلله - لم ينقل عن إمام معروف ولا عالم متبع . بل المنقول في ذلك إما أن يكون كذبا على صاحبه ، مثل ما حكى بعضهم عن الشافعي أنه قال : ...فذكره أو كلاما هذا معناه ، وهذا كذلك معلوم كذبه بالاضطرار عند من له معرفة بالنقل ، فإن الشافعي لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة ، بل ولم يكن هذا على عهد الشافعي معروفا ، وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين ، من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء . فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عنده . ثم أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن بن زياد وطبقتهم ، ولم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند أبي حنيفة ولا غيره .
ثم قد تقدم عند الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور المخلوقين خشية الفتنة بها ، وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه . وإما ان يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف ،ونحن لو روي لنا مثل هذه الحكايات المسيبه احاديث عمن لاينطلق عن الهوى لما جاز التمسك بها حتى تثبت . فكيف بالمنقول عن غيره ؟ ا.هـ.

رحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية ، وجزاه الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء .

وهذه القصة يُشم منها رائحة التعصب المذهبي المقيت ، ولا يستبعد أن يكون الأحناف وضعوها لأجل تعصبهم الشديد لأبي حنيفة - رحم الله الجميع - .