كتاب قيم من ثلاثة أجزاء كتبه الشيخ عبد الله غريب (محمد سرور بن نايف زين العابدين).
بسم الله الرحمن الرحيم
وجاء دور المجوس
الأبعاد التاريخية والعقائدية
والسياسية للثورة الإيرانية
المؤلف : عبدالله بن محمد الغريب
الجزء الأول 497 صفحة
الطبعة :السادسة لعام 1408هـ - 1988م
أن الحمد لله ، نحمده ونستعينة
ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا ، وسيئات أعمالنا من يهده
الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي
له ، ,اشهد أن لا له إلا الله وحده لا
شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
.
(( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق
تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ))
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي
خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها
وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء
واتقوا الله الذين تساءلون به
والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا))
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله
وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم
أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع
الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما))
أما بعد ، فمنذ أكثر من عشرين عاماً
وأنا أتابع أنشطة الرافضة ومخططاتهم
في عالمنا الإسلامي :
· اتبع ما يصدر عنهم من كتب وصحف
ومجلات وما تحويه من دس وافتراء على
رجال خير القرون .
· أتتبع ما يلجأ ون إليه من وسائل
وطرق في نشر دعوتهم في المناطق
الآهلة بالسنة ، وأجمع الأرقام
والإحصائيات عن عدد القبائل
والأفراد الذين تشيعوا خلال قرن من
الزمن في كل من إيران والخليج
والعراق ولبنان .
· أتتبع فرقهم المتطرفة وكيف تمكنت
من ركوب كثير من الأحزاب والوصول إلى
السلطة في بعض البلدان العربية ، كنت
وما زلت أحترق ألماً من تخاذل أهل
السنة ، وغفلتهم عما يدبره أهل الرفض
لهم ، وأتمثل قول الشاعر: أرى خلل
الرماد وميض جمر * وأخشى أن يكون لها
ضرام
فان النار بالعودين تذكي * وان الحرب
مبدؤها كلام
وعندما أنقل آلامي وأشجاني لأخواني
الدعاة ، كانوا يستغربون ما أقوله
لهم مع أنه بينهم قادة لبعض الجماعات
، وأسمعهم يردون علي قائلين :
- إنك في اهتماماتك هذه تقدم خدمات
جلى للقوميين !! .
- نحن في واد وأنت في واد ، نحن نشكو من
الخطر الشيوعي والصليبي والقومي
والعلماني ... وأنت تتحدث عن حركات
ومذاهب أكل الدهر عليها وشرب !! .
نعم والله إنني في واد وهم في واد آخر
، انني ألمح منذ سنين رآيات سوداء
تتحرك من المشرق ، ويسعى حملتها
لابتلاع العالم الإسلامي ...... ومن أجل
هذا كتبت بعض فصول هذا الكتاب قبل
ثورة إيران بأكثر من ثلاث سنين. وأشد
ما كان يؤلمني تنظيم الرافضة الحزبي
، وأن أول حلقاتهم العلمية في
الحسينيات والحوزات العلمية نقد
أصول السنة وتجريح أمهات كتبهم ،
فترى شاباً يافعاً من شبابهم يتدسس
لأبناء السنة كالشيطان فيحدثه عن
قضية علمية ، ويقنعه بما فيها من
أخطاء – كما يزعم الرافضي - ، وبعد
الانتهاء من إقناعه يأتيه بصحيح
البخاري ويقول له : انظر كيف وردت هذه
القضية في صحيح البخاري في حديث روته
عائشة أو أبو هريرة رضي الله عنهما .
وصاحبنا لايعرف أصول دينه ، ولا صلة
له بالبخاري أو مسلم ، ولا يعلم شيئاً
عن أكاذيب الرافضة وما عندهم من
مغالطات وأباطيل .
وفي الصورة المقابلة يحدثك المنسوبون إلى العلم من السنة قائلين : إن خلافنـا مع الشيعة خلاف تاريخي لا يمس أصول الاسلام ، وكل ما في الأمر أن إخواننا الشيعة يعتقدون أن علياً أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان ... والذين يقولون هذا الكلام لا يعرفون عقيدة الرافضة ، ولم يطلعوا على أمهات كتبهم .
ثم جاءت ثورة الخميني التي شارك كارتر في تصميمها ، وساهم جنراله (( هويزر)) في تنفيذها عندما نجح في تحييد الجيش ... جاءت هذه الثورة فافتتن بها معظم الإسلاميين ، وظنوا أنها ستعيد لهم عهد الخلفاء الراشدين ،وبطولات صلاح الدين . وبالغت المجلات الإسلامية في تضخيم شخصية الخميني وثورته ، وفي أحدى هذه المجلات لم يعد القاريء قادراً على التمييز بين السني والرافضي في كتاب هذه المجلة ، وفتحت هذه بابها على مصراعيه فنشرت كل ما يريده الرافضة ، وأقل ما نشر قصائد تدعو إلى تقبيل ترب قم والنجف وكربلاء ، وشد الرحال إلى تلك المزارات والطواف حولها والركوع والسجود لها . وتنافست معظم الجماعات الإسلامية في تأييد الثورة الإيرانية ، وهذه الجماعات التي تنتسب إلى مذهب اهل السنة متناحرة فيما بينها متخاصمة ومن الصعوبة جداً أن توحد صفها لكنهم جميعاً متفقون على ضرورة تأييد الثورة الإيرانية والتعاون والتنسيق مع البطل الإسلامي الخميني – كما يقولون - .
إن واحداً من الذين نكب بهم العمل
الإسلامي وصار من البارزين فيه .. زار
الخميني ثم عاد إلى بلده يخطب ويحاضر
مشيداً بمآثر قائد الثورة وزهده
وتواضعه وأنه جلس في بيته على الحصير
يأكل معه الزيتون والبيض . من البيض
والزيتون كان صاحبنا يستمد الهاماته
وخواطره أما عقيدة الخميني وكتبه
ومخططاته فلا يعرف عنها شيء . ما أسهل
مهمة الأعور الدجال بين هؤلاء الناس
، لقد ضللت المجلات وغيرها عقول
الناس وزعزعت أفكارهم . ويحار المرء
عندما يلمس سطحية الدعاة وغفلتهم ،
ثم يلمس مخططات الرافضة ، وتصريحاتهم
عن تصدير الثورة ، ووقوفهم على أهبة
الاستعداد للانقضاض على الخليج
والعراق وسورية ليعيدوا ذكريات
العبيديين والقرامطة . الرافضة
يحيكون المؤامرات ضد المسلمين ،
وجمهور أبناء السنة يصفقون لهم ،
هؤلاء الذين وصفهم أحمد شوقي فقال :
أثر البهتان فيه وانطلى الزور عليه
ملأ الجو صراخاً بحياة قاتليه
ياله من ببغاء عقله في أذنيه
ومن أجل كشف الحقيقة وهتك أسرار
الباطل وأهله قمت بتأليف هذا الكتاب
وقسمته إلى أبواب ثلاثة :
الباب الأول : عن تاريخ الباطنيين
الرافضة ، وبينت أن دعوتهم هي نفسها
دعوة المجوس ، وتحدثت عن القائمين
على هذه الدعوة وكيدهم للإسلام
والمسلمين ، وكيف كانوا يوالون أعداء
الله ، ويتعاونون مع كل كافر ضد
الإسلام والمسلمين .
الباب الثاني : تحدثت عن عقائدهم
الفاسدة ، وشهادة أعلام المسلمين بهم
في القديم والحديث ، وكشفت الستار عن
الشيعة الذين نعاصرهم وانهم أسوأ من
شيعة الأمس .
وأفردت فصلاً خاصاً عن هذا الخميني
من خلال كتبه وتصريحاته فكانت
النتائج أنه رافضي متعصب ، وفارسي
متزمت وأوضحت أن للشيعة أصولاً خاصة
بهم وأن لنا أصولاً خاصة بنا ، وليس
هناك أي مجال للالتقاء بهم .
الباب الثالث : وهو أوسع أبواب
الكتاب وفيه الفصول التالية :
- الولايات المتحدة الأمريكية
والثورة الإيرانية .
- مؤامرتهم على الخليج والعراق .
- ماذا وراء تقارب الرافضة مع
النصيرية .
- أوكارهم في العالم الإسلامي .
- الأوضاع الداخلية في إيران .
وإذن جمعت في كتابي بين العقيدة والسياسة والتاريخ ، وأحسب أن هذه الطريقة قد غفل عنها معظم الكتاب المحدثين فهم أما أن يكتبوا في العقيدة أو في التاريخ وقلما يتطرقون إلى الجانب السياسي أما سلفنا الصالح رضوان الله عليهم فكانوا إذا طرقوا موضوعا أعطوه حقه من مختلف جوانبه . وحرصت على ذكر المصادر في كل ما كتبت ، وكنت أناقش الخبر وأمحصه وأربطه بأخبار أخرى . وأنا أعلم أن الرافضة سيستقبلون هذا الكتاب ابشع استقبال ، وسيكتبون عنه وعن مؤلفه ، ولن يتركوا كلمة في قاموسهم الهابط إلا ويلصقونها بي ، وسيشترون ذمم بعض المنسوبين للسنة ليردوا علي . ويعلم الله أني لا أنتظر منهم إلا مثل هذه المواقف ، وكيف أنشد السلامة ممن لا يسلم منهم أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم .
وكل الذي أرجوه أن يثيبني الله على جهدي هذا يوم لا ينفع مال ولا بنون أما المسلمون – أهل السنة والجماعة- وسائر الجماعات الإسلامية فكل الذي أرجوه أن يقرأوا كتابي بإمعان وأن يفتحوا قلوبهم له . فإن قالوا ليس من المصلحة إثارة مثل هذه القضية . قلت : المصلحة ما وافق الشرع وليس ما وافق الأهواء والأمزجة ، بل ليس من الخلق والمرؤة أن نصادق من يشكك بكتاب الله وينكر سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ويشتم الصحابة رضوان الله عليهم . إن المصلحة أن نكشف صفحات كالحة سوداء من تاريخ هؤلاء الذين يسعون لإعادة مجد كسرى ونار مزدا . وأرجو من الشباب أن يتعصبوا للدليل ، ويرجحوا المصلحة الإسلامية ، ولا يتعصبوا لقول فلان ورأي فلان . ولقد تتبعت آراء الذين أيدوا الخميني فما وجدت دليلاً عندهم يعتد به ، وإنما عواطف هوجاء لا أول لها من آخر .
أما عن وحدة الصف الإسلامي فنحن أهل السنة فطرنا على الوحدة وعدم الفرقة ، وإزالة أسباب الشحناء والبغضاء ، ولكننا ننظر إلى هذه الوحدة من خلال الأصول الإسلامية ، ويسرنا علم الله أن يتوسط معظم قادة الجماعات الإسلامية عند صديقهم الخميني ليتراجع عن كتبه وما بها من دس وشرك وتضليل .
وأخيراً أطالب هؤلاء الذين يتباكون على ضرورة التقائنا مع الرافضة أن يقوموا بإحصائية لعدد الكتب الحديثة التي ألفها كبار علمائهم ، وسيجدون أنها تزيد على الألف كلها تشكيك بأصولنا وعقيدتنا ، وعندئذ سيعلمون – لو أنصفوا – أن إمكانية الالتقاء معهم غير ممكنة . وعلى أي حال لقد جاء هذا الكتاب غضباً لله ودفاعاً عن دينه اللهم تقبله مني ، واجعله في صحائف أعمالي إنك سميع مجيب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العلمين .
1- إيران قبل الإسلام .
2- موقف الفرس من الإسلام .
3- مؤامرات الفرس بعد الفتح الإسلامي .
4- إيران في عهد آل بهلوي .
لماذا نقدم هذه الدراسة التاريخية :
في العالم الإسلامي اليوم حركات باطنية رهيبة : كالرافضة ، والنصيرية ، والدرزية ، والبهائية ، والإسماعيلية . وتقوم هذه الحركات بتنظيم نفسها على أساس انتمائها الطائفي ، ويتوارى قادتها خلف شعارات حديثة براقة كالقومية والديمقراطية والإسلام والاشتراكية . وتهدد هذه الحركات واقع ومستقبل الدعوة الإسلامية ، ولقد أقاموا نظامين لهم في كل من إيران وسورية ، وقادة هذين النظامين يقولون صراحة بأن حركتهم ستعم العالم الإسلامي ، وفعلاً نجد لهم ركائز في كل بقعة من العالم الإسلامي ، ومن المؤسف أن يعلق معظم المسلمين الآمال العريضة على ما يسمى بالجمهورية الإيرانية الإسلامية لا لشيء إلا لأنها ترفع الشعار الإسلامي ، ومن قبل رفعت حركة القرامطة الشعار الإسلامي ، وتظاهرت الدولة العبيدية في مصر بانتمائها للاسلام ، وعندما ملك العبيديون والقرامطة أمر المسلمين افسدوا الحرث والنسل ، ونشروا الكفر والإباحية ، واستباحوا دماء المسلمين في حج عام 317هـ .
ومن أجل أن لا يعيد التاريخ نفسه رأينا أن نتقدم بهذه الدراسة التاريخية لنربط الحاضر بالماضي إذ لا يصلح لمن يتصدى لدراسة حركة وتقويمها أن يغفل عن تاريخ هذه الحركة . ومما لا شك فيه أن الدروز والنصيريين والبهائيين والاسماعيليين يعودون إلى أصل واحد هو التشيع ، وهذا التشيع يعود إلى أصول مجوسية وليست إسلامية ، وموطن المجوسية بلاد إيران أو الفرس . وفي هذه الدراسة التاريخية نتحدث عن تاريخ المجوسية في إيران ، وأثر هذه المجوسية على مختلف فرق الشيعة ، ونود باديء ذي بدء أن نسجل هاتين الملاحظتين :
1- هناك فرق واسع وبون شاسع بين شيعة علي رضي الله عنه الذين كانوا يرون أنه أحق بالخلافة من معاوية وأن الأخير قد بغى على أمير المؤمنين علي ، ولهذا وقفوا إلى جانبه وحاربوا تحت رآيته .. وبين شيعة اليوم الذين يقولون بعصمة الأئمة ، ويشتمون الصحابة ، وينكرون السنة ، ويعتقدون بالرجعة والتقية .
2- لا بد من التفريق بين الفرس المجوس الذين كادوا للإسلام وتآمروا عليه ، والفرس الذين دخلوا في دين الله ، وحسن إسلامهم وذادوا عن الإسلام بسيوفهم وعلمهم ومالهم ، فكان على رأسهم الصحابي الجليل سلمان رضي الله عنه وغيره من اعلام السلف الذين قال عنهم صلى الله عليه وسلم : (( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة – وآخرين منهم لما يلحقوا بهم – قال : قلت : من هم يارسول الله ؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثاً وفينا سلمان الفارسي وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال : لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال أو رجل من هؤلاء )) رواه البخاري
وإذن فإن حديثنا في هذه الدراسة عن الفرس المجوس ، أما الفرس المسلمون الذين قصدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث فهم أخواننا وسلفنا وأعلامنا ونبرأ إلى الله من لوثة كل قومية :عربية كانت أو فارسية ونشكره تعالى الذي من علينا بالإسلام ونزع من قلوبنا عبادة الأصنام والأوثان .
كانت بلاد فارس مهد الحضارات ممتدة في شعاب الزمن إلى قرون مضت قبل ميلاد المسيح عليه السلام ، ولقد بالغ الفرس في تمجيد تاريخهم ، والتعصب لعرقهم فأعتقد بعضهم أن ملكهم الأول (( كيومرث)) هو ابن آدم الأول ، وأنهم أصل النسل ، وينبوع الذرء . وطائفة ثانية قالت أن كيومرث هو أميم بن لاوذ – بن ارم بن سام بن نوح – (مروج الذهب ومعادن الجوهر ،المسعودى،جـ1،ص220)وطائفة ثالثة كانت تعتقد أن ((كيومرث )) نبت من نبات الأرض وهو (الريباس) وتحول هذا الرأي إلى مذهب اعتقادي اسمه (الكيومرثية) خلاصته الصراع مابين النور والظلمة (الملل والنحل للشهرستاني جـ1 ، ص572 ) . واهتم الفرس منذ القديم بالدين ، وأحلوه المرتبة الأولى في حياتهم ، ويدلنا على ذلك تسلسل الطبقات الاجتماعية عندهم :
1- طبقة رجال الدين .
2- طبقة رجال الحرب .
3- طبقة كتاب الدواوين .
4- طبقة الشعب من الفلاحين والصناع .
ومن طبقة رجال الدين : الحكام والعباد والزهاد والسدنة والمعلمون . ولما كان الدين أهم إنتاج حضاري ابتكره الفرس –كما يزعمون – وكانت الفرق الباطنية التي تهدد المسلمين اليوم مرتبطة أشد الارتباط بعقائد الفرس القديمة .. لهذا وذاك نشتعرض أهم أديان الفرس تلك :
يتفق معظم العلماء أن مزدا (الحكيم) هو آله القبائل المستقرة والمتمدنة في إيران ، بل يعتقدون أنه آله العالم والناس جميعاً . وجوهر المزدية يقوم على ركنين : الصفاء أولاً والعموم ثانياً . ومن الصفاء الدعوة إلى الأخلاق والعمران ، وتقف المزدية على طرف نقيض مع عقيدة الشياطين التي يؤمن بها اللصوص والمحابون والقبائل الرحل . ومنذ ذلك الوقت الذي دخل في الإيرانيون التاريخ و"مزدا أهورا " هو الإله الأعلى عندهم ، وهو الذي يتولى إرسال الأنبياء إلى أهل الأرض ومن رسله : "كيومرث" و"زرا دشت" . ومزدا أهورا أو "أورمزد" هو الذي رفع السماء وبسط الأرض وخلق الملائكة وأول من أبدع من الملائكة بهمن (1) وعلمه الدين ، وخصه بموضع النور مكانا (2) .
في القرن السابع قبل الميلاد ادعى ((زرا دشت)) أنه نبي أرسله ((مزدا)) ، ومن عقيدة زرا دشت : - الصراع بين الروحيين: روح الخير ، وروح الشر . - النور والظلمة أصلان متضادان وهما مبدأ وجود العالم،وحصلت التركيب من امتزاجهما ، كما أن الصور حصلت من التراكيب المختلفة. - الباري تعالى هو خالق النور والظلمة ومبدعهما وهو واحد لا شريك ولا ضد ولا ند له ،ولا يجوز أن ينسب إليه وجود الظلمة كما قالت الزروانية (3) . - انبثق عن امتزاج النور مع الظلمة : الخير ، والشر ، والصلاح ،والفساد، والطهارة ،والخبث ،ولولا هذا الامتزاج لما وجد العالم .. ولسوف يستمر الصراع بينهما حتى يغلب النور الظلمة ، ويغلب الخير الشر ، ثم يتخلص الخير إلى عالمه ،وينحط الشر إلى عالمه وذلك هو سبب الخلاص (4) . والزردشيون يقدسون الماء إلى درجة أنهم لا يغسلون به وجوههم ، وهو عندهم لا يستعمل ألا للشرب أو ري الزرع .
وللإنسان عندهم حياتان : حياة أولى تحصى فيها أعمال الإنسان ، وحياة أخرى ينعم الإنسان أو يشفى فيها ، وفى الحياة الثانية يتحدثون عن جهنم والصراط المستقيم (5) .
والزردشتيون ينسبون إلى قبيلة ((المغان)) وقبل اكتساح الزردشتية منطقتي ميديا وفارس كان رجال الدين ينتسبون إلى قبيلة ((ميديا)) .
والقبيلة (( المغان حق الإشراف على بيوت النار التي يقيمون فيها شعائرهم الدينية، ومن أهم معابد الزرد شتية أو بيوت نارهم: معبد((يزد)) ، وقد حول إلى مسجد كبير بعد الفتح السلامي (6) .
والشمس اله من آلهة الزردشتين لأنها مصدر النور ، كما أن الجدب عندهم مصدر من مصادر الظلمة . وزر دشت الحكيم هو زر دشت بن يورشب ولد في أذربيجان أمه من الري،ويعتقد الفرس بأن روح زر دشت كانت في شجرة أنشأها الله في أعلى عليين وأحف بها سبعين من الملائكة المقربين ، وغرسها في قلة جبل من جبال أذربيجان. ولزردشت كتاب اسمه ((زند أوستا)) يقسم العالم في إلى قسمين:مينة ، وكيتي ، يعني الروحاني والجسماني وبلغة أخري:اللاهوت والناسون .والزردشتية جماعة منظمة ولها درجات ومراتب ، وتطور أمرها بعد أن آمن بها أزد شير الأول وابنه سابور واتخذ منها دينا لدولتهم(7)
ولد ماني في ولاية مسين ببابل عام 215أو216 بعد نير ول المسيح عليه السلام . وقد ظهر في زمان((سابور بن أزدشير))،وقتله بهرام بن هرمز بن سابور عام279 لأنه جنح نحو الزهد الذي لا يناسب دولة بهرام المحاربة . وينتسب ماني إلى أسرة إيرانية عريقة ، فامة من العائلة الاشكانية المالكة ، وأبوه فاتك الحكيم من أطراف العائلة الاشكانية .. بدأ مانى دعوته في الهند مما جعل بعض المؤخرين يعتقدون أنه أخذ نظرية التناسخ من البوذية أو بعض المذاهب الهندية الأخرى (8). أخذ ماني عن الزردشيه قولهم بأن العالم مصنوع من أصلين : نور ، وظلمة . لكنه أختلف معهم ومع المجوس في اعتقاده بأنه النور والظلمة قديمان أزليان ،بينما يعتقد المجوس بان الظلام محدث وليس قديماً . وأخذ ماني عن النصرانية عقيدة التثليث ، فالإله عنده : مزيج من "العظيم الأول " ، و "الرجل القديم" ، و "أم الحياة " . وفي النصوص التي حفظت عن المانوية عبارات مأخوذة عن الأناجيل المسيحية (9) . ويعتقد ماني بتناسخ الأرواح ، وأن هذا التناسخ يقع على الأجزاء النورانية من الإنسان ، وآمن بنبوتي عيسى عليه السلام وزر دشت ، ويؤمن ماني بأنه خاتم الأنبياء ، وقد أرسل لتبليغ كلام الله إلى الناس كافة . وأطلق الفرس على ماني ومن تبعه " الزنادقة " وسبب هذه التسمية أن زر دشت جاء الفرس بكتاب اسمه " البستاه " وعمل له تفسيراً أسماه " الزند " وجعل للتفسير شرحاً أسماه " الباز ند " . وكان من أورد في شريعتهم شيئاً بخلاف المنزل الذي هو "البستاه" وعدل إلى التأويل ، وأنه منحرف عن الظواهر من المنزل إلى تأويل هو بخلاف التنزيل ، فلما جاءت العرب أخذت هذا المعنى عن الفرس وقالوا : زنديق ، وعربوه ، والثنوية هم الزنادقة ، ولحق بهؤلاء سائر من اعتقد القدم ، وأبي حدوث العالم وعلى رأسهم "المانوية " (10) . وللمانوية تنظيم دقيق ، فهيكل الجماعة يقوم على خمس طبقات متسلسلة كأبناء العلم ، وابناء العقل وأبناء الفطنة ، وآخر طبقة السماعون وهم سواد الناس ، ولكل طبقة من هذه الطبقات شروط وتكاليف .. ونجح ماني في إدخال أخوين لسابور في تنظيمه (11) وبعد أن لقي ماني مصرعه على يد بهرام ، اتخذ أتباعه عيداً لهم أسموه "بيما" ذكرى لمقتل نبيهم الشهيد ، واستمرت الدعوة بشكل سري بعد اضطهاد الزردشتين لهم .
مؤسسها مزدك بن بامداد ظهر أيام(( قباذ)) والد كسرى انو شروان في فارس عام 487 ، وبدأ دعوته كمؤمن بعقيدة ماني مع خلاف بسيط فهو يرى أن ((النور)) يفعل بالقصد والاختيار والظلمة تفعل على التخط والاتفاق . ومزدك رجل تنفيذ وليس رجل زهد كماني ، ولهذا نهى الناس عن المخالفة والمباغضة والقتال ، ولما كان القتال بسبب عدم المساواة نادى بتقسيم الأرزاق بين الناس بالتساوى ، كما نادى بالاباحية وجعل الناس شركاء فيهما كاشتراكهم في الماء ، والنار ، والكلأ (12) . وحض بذلك السفلة على العلية ، وسهل السبيل للظلمة إلى الظلم ، وللعهار إلى قضاء بهمتهم ، وشمل الناس بلاء عظيم لم يكن لهم عهد بمثله ، وصاروا لا يعرف الرجل منهم ولده ، ولا المولود أباه ، ولا يملك الرجل شيئا مما يتسع به . وساعد المزدكيين على المضى بجرائمهم ، وتحقيق الشيوعية التي يدعون إليها ، استجابة قباذ لهم وتعاونه معهم ، وكان أخوه ((جاماسب)) وأحدا منهم . ولقد قوى أمرهم حتى كانوا يدخلون على الرجل في داره فيغلبونه على منزله ونسائه وأمواله (13). وكان أتباع مزدك يزهدون في أكل لحم الحيوانات ، وإذا ضافو أنسانا لم يمنعوه من شيء يلتمسه كائنا ما كان ، ولهم فلسفة خاصة في الاباحيه فهم يرون أن العاديين من الناس لايستطيعون التخلص من حب اللذات المادية غلا في اللحظة التي يستطيعون فيها إشباع هذه الحاجات بالاختيار . وبعد أن كانت المزدكية مذهبا دينيا صارت مذهبا اجتماعيا ، وقوانين ثورية ، ومباديء شيوعية ، وعم شرهم كل مكان حتى جاء كسرى الأول "انوشروان بن قباذ" فرد الأموال لأهلها ، وجعل الأموال التي لا وارث لها رصيد لاصلاح ما فسد .
وقال عنها أحمد أمين : " وبعد كسرى عاشت المزدكية فرقة سرية ... عاشت على هذا النحو أيام الدولة الساسنية ثم عادت إلى الظهور من جديد في بداية العصور الإسلامية (14) " .
ووصف بعض المؤرخين الثورة المزدكية فقالوا : (( فاذا حجاب الحفاظ والأدب قد ارتفع ، وظهر قوم لا يتحلون بشرف الفن أو العمل ، لاضياع لهم موروثة ، ولاحسب ولا نسب ، ولاحرفة ولا صناعة ، عاطلون ، مستعدون للغمز والشر وبث الكذب والافتراء ، بل هم من ذلك يحيون في رغد من العيش وسعة المال )) وهكذا عم التطاول كل مكان ، واقتحم الثوار قصور الأشراف ، ناهبين الأموال ، مغتصبين الحرائر ، وكانوا يملكون هنا وهناك ، أراضي تلفت لأن السادة الجدد لا يعرفون الزراعة (15) .
نتائج البحث : من خلال استعراضنا لأهم أديان الفرس القديمة نستطيع أن نستخلص النتائج التالية (16) : 1- عبد الفرس قوى الطبيعة والأجرام السماوية ، وآلهة تمثل قوى أخلاقية ، أو آراء معنوية مجسمة ، وكان الدين عندهم يتدخل في أقل أمور الحياة اليومية ، وكان على الفرد أن يصلي للشمس أربع مرات أثناء النهار ، كما يصلي للقمر وللنار وللماء ، ونار البيت لا يجوز أن يخبو لهيبها . وهناك فرق بين المجوسية والثنوية ، ومن الأديان التي تنتسب للمجوسية : الكيومرثية ،الزروانية ، والزردشتية ، أما الأديان التي تنتسب إلى الثنوية فهي : المانوية ، المزدكية ، الديصانية ، ... والفرق بينهما أن المجوسية قالت بقدم النور وحدوث الظلام في حين قالت الثنوية بأن النور والظلمة أزليان قديمان فهما متساويان في القدم ومختلفان في الجوهر والطبع والفعل والمكان والأجناس والأبدان والأرواح . وعلى كل حال فالمجوسية والثنوية أصبحت من تراث الفرس والفرق بينهما بسيط ، فجميع أتباع هذه الديانات عبدوا النور والظلمة والشمس والقمر ، واعتقدوا بالحلول والتناسخ والأساطير والخرافات .
2- تأثرت ديانات الفرس باليهود والنصارى والبوذيين .فاليهود حلوا بلاد فارس منذ أن سباهم " بختنصر" وازداد عددهم في عهد الاشكانيين ، وقد نظم اليهود أنفسهم منذ القرن الأول الميلادي ، واعترف بعض ملوك فارس بهم ، وقد أنشأوا مدرسة (سورا) المشهورة في أوائل القرن الثالث الميلادي وصاهرهم ملوك الفرس ومرازبهم ، فامتزج الدم اليهودي بالفارسي فزوجة بختنصر كانت يهودية واسمها (دينارد) وكانت سبب رد بني إسرائيل إلى بيت المقدس (17) .وتأثرت ديانات الفرس باليهودية كما تأثرت بما عند اليهود من تنظيم وسرية وتقية ، واستمر أثر اليهودية في معتقدات الفرس في مختلف حقب التاريخ .وانتشرت النصرانية في كل مكان من إيران ، وعندما انتهى الحكم إلى الإشكانيين كان للجالية النصرانية مكان في الرها وكانت هناك اسقفيات كثيرة في المناطق الأرمنية والكردية والأهواز ، وحاولوا غير مرة أن يجمعوا كل الجماعات النصرانية تحت إدارة مركز واحد في المدائن ، غير أنهم فشلوا لأسباب ذاتية داخلية ، وعاش نصارى إيران في سلام وإن كان الموقف قد تغير عندما اعتنق قسطنطين الديانة النصرانية وقام نصارى إيران بالتآمر على سابور فاستشاط غضباً ، وبدأ اضطهادهم منذ عام 339 وحتى هلاك سابور الثاني . وكذلك لم يكن أزدشير الثاني خليفة سابور محباً للنصارى واستمر اضطهاد النصارى حتى جاء يزدجرد الأول 339-421 فتحسنت العلاقات النصرانية الزردشتية (18) .أما أثر النصرانية في معتقدات الفرس ، فسبق أن رأينا كيف جاءت المانوية بعقيدة التثليث والحلول مأخوذتين من عقيدة النصارى . واختلط رجال الدين الفرس بالبوذيين فأخذوا عنهم وأعطوهم وزاد هذا الاختلاط عندما كان أصحاب الديانة المغلوبة يفرون من بلادهم ويلتجئون إلى الهند أو الصين كما حصل للزردشتين والمانويين .
3- الزعامة الدينية في بلاد فارس كانت تتمثل في قبيلة من القبائل ، فالسيطرة الدينية قديماً كانت لقبيلة ميديا وفي عصر أتباع زردشت أصبحت السيطرة لقبيلة المغان . ورجال القبيلة الدينية هم ظل الله في الأرض وقد خلقوا لخدمة الآلهة ، والحاكم يجب أن يكون من هذه القبيلة ، وتتجسد فيه الذات الإلهية ، وتتولى هذه العائلة شرف سدانة بيت النار .إن عبادة الله عن طريق القبيلة هو الذي دفع الفرس إلى التشيع لآل البيت لاحباً بآل البيت ولكن هذا التصور يلائم عقيدة المجوس .
4- السرية أصل من أصول عقائد المجوس :
فالزردشتيون استمروا يعملون وينشطون بكل سرية بعد أن تعرضوا للاضطهاد على أيدي أتباع مزدا والمانوية تحولت إلى حركة سرية بعد أن بطش بهرام بن هرمز بهم والمزدكية أصبحت دعوة سرية بعد أن نكل بهم أنو شروان . ومع السرية كانت أديان الفرس منظمة تنظيماً هرميا دقيقاً يراعون به ظروف العصر ، وكانت تنظيماتهم من القوة بحيث تمكنهم من الوصول إلى قصور الحكام في حالات ضعفهم ، أما في غير حالات الضعف فالحكام من أفراد القبيلة التي ترعى شؤون الدين .
5- تاريخ أديان الفرس يمتاز بالفتن وكثرة الثورات ومن الأمثلة على ذلك أن ثورة عارمة وقعت بين بابك وجوتجهر ، ثم نشيت فتنة بين سابور وأزدشير .
وفي هذه الفتن والمعارك كان الأخ يقتل أخاه والأب يقتل إبنه بدون رحمة ولا شفقة ، وعندما يشعر ملوك فارس بان الخطر قد أحاط بهم كانوا ينقضون على من يزعمون أنهم أنبياء لهم ، فبهرام بن هرمز قتل ماني ، وكسرى أنوشروان قتل مزدك . وعلى ضوء معرفتنا لهذه الحقيقة نعلم أسباب الثورات والفتن في البلاد التي يسيطر عليها المجوس في عصرنا هذا كما نعلم لماذا كانوا ومازالوا يصفون خصومهم عن طريق الاغتيالات .
===================
الهوامش
(1)إن الجدير بالذكر أن اسم (بهمن) تحمله عائلة كبية في إيران وتمكنت هذه العائلة الفارسية من الوصول إلى بلاد الخليج العربي وحصل بعض افرادها على الجنسية أليس في احتفاظ هذه العائلة باسم (بهمن ) دليل على التعصب للمجوسية رغم زعمهم بأنهم مسلمون .
(2)انظر الملل والنحل جـ1 ص238 – وإيران في عهد الساسانيين ص19 . (3)الزروانية مذهب من مذاهب المجوس ، ويعتقد أتباع هذا المذهب أن الشيطان من مصدر رديء وأنه كان مع الله .
(4) الملل والنحل للشهرستاني جـ1،ص236 طباعة دار المعرفة .
(5) فجر الإسلام لأحمد أمين جـ1 ، ص 124
(6) قادة فتح بلاد فارس عن معجم البلدان جـ8 ، ص 506
(7) الملل والنحل للشهرستاني جـ1،ص236 طباعة دار المعرفة .
(8) إيران في عهد الساسانيين لكريستنس ، ص171
(9) إيران في عهد الساسانيين لكريستنس ، ص171
(10) مروج الذهب للمسعودي ، جـ1 ، ص 251
(11) إيران في عهد الساسانيين لكريستنس ، ص169
(12) الملل والنحل للشهرستاني جـ1،ص249 طباعة دار المعرفة
(13) تاريخ الطبري جـ1 ، ص137
(14) فجر الإسلام لأحمد أمين جـ1 ، ص 137
(15) إيران في عهد الساسانيين لكريستنس ، ص343 ترجمة يحيى خشاب.
(16) الملل والنحل للشهرستاني جـ1،ص244 طباعة دار المعرفة
(17) مروج الذهب للمسعودي ، جـ1 ، ص 288
(18) إيران في عهد الساسانيين لكريستنس ، ص253 ترجمة يحيى خشاب.
في عام 35 هـ وقع الخلاف المشهور بين
أمير المؤمنين على بن أبي طالب
ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله
عنهما، فكان هذا الخلاف فرصة العمر
التي لا تعوض عند المجوس فأعلنوا
أنهم شيعة على ، والوقوف مع على رضى
الله عنه حق لكن المجوس أرادوا من
وراء هذا الموقف تفريق كلمة المسلمين
وأضعاف شوكتهم. والدعوة لآل البيت
ورقة رابحة تجد رواجا لدى جميع الناس
وخاصة عند العامة ،ومن ذا الذي لا يحب
آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ووقف عبد الله بن سبا اليهودي
وأنصاره في الصف الذي يقول بأحقية
على في الخلافة ومنذ ذلك الحين
التحمت المؤامرات اليهود يه مع كيد
المجوسية ضد الإسلام والمسلمين وأرد
المجوس من وراء الدعوة لآل البيت
تحقيق الأهداف التالية:
1ـــرأينا في الفصل السابق ــــ
أيران قبل الإسلام ــــ انه لا بد من
عائلة مقدسة تتولى أمور الدين ، ومن
هذه العائلة الحكام وسدنة بيوت النار
، ومن أهم هذه العائلة :ميديا ،المغان
... وفى تشييعهم لآل البيت أحياء
لعقائد زر دشت ومانو ومزدك وكل الذي
فعلوه أنهم استبدلوا المغان بآل
البيت ، وقالوا للناس بأن آل البيت
رسول الله هم ظل الله في الأرض وأن
أئمتهم معصمون ، وتتجلى فيهم الحكمة
الألهية ....
2ـــ عندما أفتتح المسلمون بلاد فارس
تزوج الحسين بن علي رضي الله عنهما((شهر
بانوا)) ابنة يزد جرد ملك إيران بعد ما
جاءت مع الأسرى ، وكان هذا الزواج من
الأسباب التي ساعدت على وقوف
الإيرانيين مع الحسين بالذات لأنهم
رأوا أن الدم الذي يجري في عروق على
بن الحسين وفي أولاده دم إيراني من
قبل أمه (شهر بانوا)
أبنة يزد جرد ملك أيران من سلالة
الساسانيين المقدسين عندهم( 1).... وأذن
ففي تشيعهم لآل البيت أحياء لعقيدة
المجوس ، ووقوفهم مع الحسين بن على بن
أبي طالب نابع من عصبيتهم الفارسية
لأولاد شهر بانو الساسانية .. وبعد
الحدث الأليم الذي أودى بحياة أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله
عنه ، راح اليهود والمجوس يدفعون
أنصار علي لقتال بني أميه ، ووجدت
الدعوات الباطنية فراغا فأخذت تنشط
حتى أستفحل أمرها ، وكان من أهمها:
السبئية:
========
نسبة لعبدالله بن سبأ اليهودي الذي
نادى بألوهية علي بن أبي طالب وقد قال
لعلي رضي الله عنه : أنت ، أنت ، يعني
أنت الإله فنفاه إلى المدائن ، وكان
في اليهودية يقول في يوشع بن نون أنه
وصى موسى عليهما السلام مثل ما قال في
علي رضي الله عنه ، وهو أول من اظهر
القول بالنص بإمامة علي رضي الله عنه
ومنه تشعبت أصناف الغلاة .
وزعم أن علياً لم يمت ، ففيه الجزء
الإلهي ، ولا يجوز أن يستولى عليه ،
وهو الذي يجيء بالسحاب ، والرعد صوته
، والبرق بسمته ، وأنه سنزل بعد ذلك
إلى الأرض فيملؤها عدلاً كما ملئت
جوراً ... وقالت السبئية بتناسخ الجزء
الإلهي في الأئمة بعد علي رضي الله
عنه .
الكيسانية :
==========
أصحاب كيسان مولى أمير المؤمنين علي
رضي الله عنه يقول أتباعه بأن الدين
طاعة رجل ، وأولوا الأركان الشرعية ،
وقالوا بالتناسخ والحلول ، والرجعة
بعد الموت ، ويعتقدون أن كيسان قد
أحاط بالعلوم كلها ، واقتباسه من
السيدين – علي وابنه محمد بن
الحنيفية - الأسرار بجملتها من علم
التأويل والباطن ، وعلم الآفاق
والأنفس (2) ثم كثرت الدعوات الباطنية
فظهرت المختارية فيما بعد ،
والهاشمية والبيانية والرازمية
وجوهر هذه الحركات ومضمونها واحد وان
اختلفت الاسماء .
وتراجعت هذه الحركات أمام تخطيط بني
أمية الذين ضربوا بيد من حديد ، وظن
الناس أنه لن تقوم قائمة للفرس بعد
خلافة معاوية رضي الله عنه ، وللناس
عذرهم فيما يظنون لأن معظمهم يجهل
تاريخ أديان الفرس ، وقدرتها على
التحول من العلنية إلى السرية . أما
ناصر بن سيار – والي بني أمية على
خراسان – فكان يبصر المؤامرات التي
يدبرها الفرس في جنح الظلام ، وقد كتب
إلى مروان آخر حكام بني أمية قائلاً :
أرى خلل الرماد وميض جمر ************
وأخشى أن يكون لها ضرام
فإن النار بالعيدان تذكي ****************
وإن الحرب مبدؤها الكلام
فقلت من التعجب ليت شعري *********** أ
أيقاظ أمية أم نيــــــــــــام (3)
ولم يكن بني أمية نياماً ، ولكن
التنظيم أقوى من الفوضى ، وما كانت
الفرقة والتناحر والترف قادرة على
دحر التخطيط والعمل الجاد المستمر ..
وهذه كانت حالة بني أمية مع خصومهم .
مؤامرة أبي مسلم الخراساني :
==========================
في عام 129هـ ظهر أبو مسلم الخراساني
قرب (مرو) واحتلها عام 130هـ ثم سقطت
خراسان كلها بأيدي العباسيين ......
وبعد سقوط خراسان وجه أبو مسلم جيوشه
إلى العراق فاحتلها وأظهرت أبا
العباس السفاح من مخبئه وبويع
بالخلافة عام 132هـ ومنذ هذا التاريخ
بدأ حكم الفرس فعلاً وكان خلفاء بني
العباس أشبه بالضيوف في بيت أبي مسلم
الخراساني أو في بيت جعفر البرمكي
باستثناء طيبة جريئة من خلفاء بني
العباس وتكاد لا تذكر من ندرتها (4)
وأشفى معظم الفرس غليلهم من العرب
المسلمين فأشبعهم قتلاً وتنكيلاً
وبطشاً منذ قيام الدولة العباسية
وحتى عام 137هـ وشق عليه عصا الطاعة
وحاول أن يستقل بخراسان لولا أن
المنصور استدرجه بحنكته ودهائه وفرق
معظم أتباعه ثم قتله عام 137هـ .
ولم يكن مقتل أبي مسلم الخراساني
أمراً سهلاً ففي عام 138هـ خرج ((سنباذ))
يطالب بدم أبي مسلم ، وسنباذ هذا
مجوسي استطاع أن يجمع تحت لوائه جيشا
من الفرس تغلب بهم على قوس واصبهان
فبعث إليه أبو جعفر المنصور جيشاً
هزمه في همذان والري .
وفي عام 141هـ ظهرت جماعة من
الخراسانيين من جماعة أبي مسلم
الخراساني في قرية رواندا قرب أصفهان
وعرفوا (( بالراوندية )) وكانوا يقولون
بتناسخ الأرواح ، ونادوا بألوهية
المنصور وأرادوا من وراء ذلك قتله
ثأراً لزعيمهم أبي مسلم لكن المنصور
قاومهم بنفسه وانتصر عليهم غير أنهم
تمكنوا من قتل عثمان بن نهيك قاتل أبي
مسلم .
وفي عام 161هـ ظهر رجل فارسي أطلق عليه
اسم (( المقنع )) وادعى أن الله سبحانه
وتعالى قد حل بآدم عليه السلام ثم نوح
ثم في أبي مسلم الخراساني ثم حل فيه
بعد ابي مسلم واجتمع عليه خلق كثير
تغلب بهم على بلاد ما وراء النهر
واحتمى بقلعة كش فأرسل إليه المهدي
جيشاً بقيادة سعيد الجرشي فحاصره
وهزمه وقتل كثير من أصحابه ، فلما أحس
بالهلكة شرب سماً وسقاه نساءه وأهله
فمات وماتوا جميعاً ودخل المسلمون
قلعته واحتزوا رأسه وأرسلوه إلى
المهدي سنة 163هـ .
والمهدي كان شديداً في حرب الملاحدة
، وأنشأ هيئة مهمتها التنقيب والبحث
عن الزنادقة ، وجعل لها رئيسا أطلق
عليه أسم ((صاحب الزنادقة))..
قال المسعودى في المهدى :
((إنه أمعن في قتل الملحدين
والمداهنين عن الدين لظهورهم في
أيامه ، وإعلانهم عن معتقاداتهم في
خلافته لما أنتشر من كتب مانى ، وابن
د يصان ومرقيون، مما نقله عبد الله بن
المقفع وغيره وترجمه من الفارسية
والفهلوية إلى العربية ، وما صنفه في
ذلك أبن أبي العوجاء وحماد عجرد ،
ويحيى بن زياد ومطيع بن إياس من تأييد
المذاهب المانوية والديصانية
والمرقونية فكثر بذلك الزنادقة
وظهرت آراؤهم في الناس .
وكان المهدي أول من أمر الجدليين من
اهل البحث من المتكلمين بتصنيف الكتب
في الرد على الملحدين ممن ذكرنا من
الجاحدين وغيرهم ، وأقاموا البراهين
على المعاندين وأزالوا شبه الملحدين
فأوضحوا الحق للشاكين )) (5)
ولقد أوصى المهدي ابنه (الهادي) بتتبع
الزنادقة والبطش بهم ورغم قيام هيئة
مختصة مهمتها تتبع الزنادقة
استطاعوا أن يحتفظوا بأنشطتهم بصورة
سرية وعن هذا الطريق تمكنوا من
احتلال أغلب المناصب في دولة بني
العباس وبلغ أحدهم (( الأفشين )) قائد
جيوش المعتصم .
====================================================================
الهوامش :
1- انظر سبب انتشار التشيع في إيران من
كتاب الشيعة والسنة لإحسان إلهي ظهير
ص 49
2- الملل والنحل للشهرستاني : 174-147/1
دار المعرفة .
3- البداية والنهاية جـ 10 ، ص 32
4- أبو مسلم الخراساني يقال له
عبدالرحمن بن شيرون – ابن اسفنديار
أبو مسلم المروزي وقيل كان اسمه
ابراهيم بن عثمان بن يسار بن سندوس بن
حوذون من ولد بزر جمهر ، ولما بعثه
ابراهيم بن محمد الإمام إلىلخراسان
قال له : غير اسمك وكنيتك فتسمى
عبدالرحمن بن مسلم عن البداية
والنهاية فهو فارسي الأصل وكان
أتباعه من الفلاحين الفرس ودعايته
كانت قائمة على أساس من المعتقدات
المجوسية خافه المنصور بعد أن شق عصا
الطاعة وقتله عام 137هـ .
5- ضحى الإسلام ، جـ1 ، ص140 ، عن
المسعودي ، جـ 2 ، ص 401 .
قد يقول قائل: أن شيعة اليوم معرضون عن الخلافات القديمة التي وقعت بين أسلافهم وأهل السنة ، التي وقعت بين أسلافهم وأهل السنة ، حريصون على وحدة كلمة المسلمين ، ولنا أصدقاء منهم متألمون من الفرقة القائمة بين المسلمين وفي مقدمتهم الخميني .
فنجيب وبالله التوفيق :
إن شيعة اليوم أكثر سوءا من شيعة الأمس ، وأن مذهبهم ما قام في الأصل إلا لنقض عرى الإسلام ، وزعزعة أركان هذا الدين ، وإشاعة الفرقة بين المسلمين ، ولا وحدة أو وفاق بيننا وبينهم إلا إذا عادوا إلى جادة الحق وتخلوا عن شركياتهم ووثنياتهم .
نقول هذا الكلام بعد اطلاعنا على معظم ما صدر عنهم من كتب منذ نصف قرن ، وكل ما اطلعنا عليه يؤكد اختلافنا معهم في أصول الدين وفروعه وهذه بعض الشواهد :
1- في كتاب (( الدين بين السائل
والمجيب ) لمؤلفه ميرزا حسن الحائري
قال فيه بزيادة القرآن ونقصانه ،
وزعم أن مصحف فاطمة غير القرآن بل هو
أكبر منه ثلاث مرات .
2- تصلنا رسائل صغيرة لهم من دار نشر
تسمى بدار التوحيد في الكويت ، وتوزع
هذه الرسائل في مختلف بلدان العالم
الإسلامي . وفي رسالة صادرة عن هذه
الدار تسمى (( مباديء أولية )) صفحة 14
يقولون أن الركن الثاني من أركان
الإسلام : الإيمان بالنبوة والإمامة
، أي الإيمان بأثني عشر إماماً
معصومـاً ، وإلصاق النبوة بالإمامة
تمويه وتضليل ، ففي كتب أخرى لهم
يذكرون الإمامة وحدها ومن هذه الكتب :
# كتاب (( عقائد الإمامية )) لـ محمد رضا
المظفر ص 65 ، وصدر هذا الكتاب عام 1370هـ
وأعيد نشره عام 1380هـ .
# كتاب (( الصلاة )) وقال مؤلفوه أنه
مطابق لفتاوى مرجعهم الأعلى (( الخوئي
)) .
ففي هذين الكتابين وغيرهما يقولون بأن الإيمان بالأئمة المعصومين من أركان الإسلام وهذا يعني أننا – أهل السنة والجماعة – لسنا مسلمين في نظرهم لأننا لا نؤمن بالأئمة المعصومين ونكون بهذا قد أنكرنا ركنا من أركان الإسلام .
3- شعار كتاب الشيعة –اليوم والأمس – الكذب ودثارهم الفتنة ، وبضاعتهم النفاق والدسيسة ، ومن أدلتنا على كذبهم هذا ما يلي :
صدر عن مكتبة الحياة في بيروت كتاب اسمه : (( القول القيم فيما يرويه ابن تيمية وابن القيم )) وشاء الكاتب أن لايذكر اسمه ، ولقد نقل في كتابه نصوصاً كثيرة عن كتب ابن تيمية وابن القيم تؤكد صحة عقيدة الشيعة وسلامة اصولهم بأن هذين العالمين من المشهورين في القديم والحديث في تتبع شركيات واكاذيب الرافضة ، ولو اختار غيرهما لكان من الممكن أن ينطلي كذبه على الناس . وتتبعت نقوله فوجدته إما أن يلفقها تلفيقاً أو ينقل نصا من نصوص الرافضة ساقه شيخ الإسلام أو تلميذه للرد عليه ، فأخذ الكاتب الرافضي النص وترك الرد وهذه هي أخلاقهم .
4- ومن أهم كتبهم الحديثة (( المراجعات )) لمؤلفه عبدالحسين شرف الدين الموسوي ، ويزعم أن مراجعاته عبارة عن حوار جرى بينه وبين شيخ الأزهر (( سليم البشري )) والتلفيق واضح في الكتاب . فلقد صور المؤلف شيخ الأزهر أمامه كتلميذ مؤدب امام شيخ علامه بز بعلمه الأولين والآخرين .. فترى البشري يسأل والموسوي يجيب ويسلم الأول للآخر بكل إجابة حتى نهاية الكتاب .
والسؤال الذي يفرض نفسه :
لماذا لم يصبح شيخ الأزهر شيعياً بعد أن اقتنع بأصول وفروع المذهب ؟؟؟!
ومن مقدمته نلاحظ أن الله قد فضحه فاعترف بأنه قد أضاف أمورا أخرى إلى الحوار الذي دار بينهما انظر إليه وهو يقول :
وأنا لا أدعي أن هذه الصحف تقتصر على النصوص التي تألفت يومئذ بيننا ... غير أن المحاكمات في المسائل التي جرت بيننا موجودة بين هاتين الدفتين بحذافيرها مع زيادات اقتضتها الحال ودعا إليها النصح والإرشاد وربما جر إليها السياق على نحو لا يخل بما كان بيننا من الاتفاق )) 1
إذن هناك زيادات اقتضتها الحال ولم يفصح الكاتب عن حجم هذه الزيادات : ولو كان الموسوي صادقاً لنشر في بداية كتابه صوراً لرسائل شيخ الأزهر تتضمن اعترافه بصحة أصول الشيعة لا سيما وقوم الموسوي يحرصون اشد الحرص على الجوانب الإعلامية والدعائية ، كما انهم يهتمون بنشر شهادات علماء السنة لمذهبهم إن كانت وفق ما يريدون ... لكن الموسوي سار على مذهب من سلفه من علماء طائفته : (( حدثني جدي عن ربي )) . وكتاب المراجعات جاء بعد وفاة شيخ الأزهر – سليم البشري – وبعد المناقشات المزعومة بخمسة وعشرين عاما كما اعترف المؤلف في مقدمته فلماذا لم ينشر كتابه خلال حياة البشري ؟
ومما يجدر ذكره أن أحد إخواننا الذين يتابعون قضايا الرافضة سال ابن سليم البشري عن حقيقة ما جاء في المراجعات فأجاب بأنه لا يعرف الموسوي ، ولا يذكر أنه اتصل بأبيه أو أجرى معه حواراً . والكتاب بعد ذلك مملوء بالدس والإفتراء على أهل السنة والجماعة ، وقد نسب الموسوي إليهم أقوالاً كثيرة هم بريئون منها . ترى أيقبل عالم جليل كالشيخ البشري أن ينسب رافضي مخرب مثل هذه الأقوال لأعلام الإسلام ؟! هذا وللداعية الإسلامي الدكتور مصطفى السباعي قصة مع مؤلف المراجعات تدل على تناقضاته وعدم استقامته .
وما دمنا في صدد الحديث عن أكاذيب الرافضة فمن المناسب أن نشير إلى كتاب اسمه (( المتعة من متطلبات العصر )) لمؤلفه حسن محمد ، صدر الكتاب في بيروت عام 1392هـ . زعم الكتاب أن حجة أهل السنة والجماعة في تحريم المتعة رفض الفاروق عمر بن الخطاب لها ، ولم يتوقف عند هذه الفرية بل وجه سهامه المسمومة إلى ثاني الخلفاء الراشدين . ومن المعلوم أن الذي حرم المتعة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث ورد أحاديث صحيحة أحدها رواه مسلم والثاني رواه الشيخان عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
5- في كتبهم الحديثة دعوة إلى تعظيم القبور وشد الرحال إليها ، ومن أهم الأسباب في كرههم للقائمين على شؤون الحرمين منعهم الناس من إقامة القباب على قبور الصحابة . انظر كتاب (( واقع الشيعة )) للكاتب محمد المهدي الشيرازي الصادر عام 1387هـ ص 12 ، وكتاب (( عقائد الإمامة )) ص 20 ، ويتحدث مؤلف هذا الكتاب إضافة إلى تعظيم القبور إلى إيمانهم بالتقية والرجعة والمهدي وسائر الأئمة المعصومين ... ومن ثم يخلط الكاتب بين التشبيه واثبات ما أثبته الله لنفسه كاليد والرجل والوجه وغيرهما ، ويزعم أنه من قال : أن لله يداً تليق بجلاله وعقولنا قاصرة عن إدراكها ولا تشبه يد البشر ، أو من قال بأن الله ينزل إلى السماء الدنيا فقد كفــــر !! .وأهل السنة والجماعة يعتقدون ذلك إذن هم كفره عند الرافضة .
6- أما تباكيهم على الفرقة القائمة بين المسلمين ، وإنشائهم الجمعيات لهذا الغرض فما هو إلا ذر الرماد في العيون واتخاذها تقية لتنفيذ مخططات رهيبة في العالم الإسلامي أقلها نشر مذهبهم في أوساط السنة تحت ستار جمع الكلمة ومحبة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولجأوا أخيراً إلى ضعاف النفوس من الكتاب المنسوبين إلى السنة فاستأجروهم لكتابة المقالات ونشر الكتب التي تشيد بمذهبهم ، ويستطيع قراؤنا أن يجدوا نماذج لهؤلاء الكتاب في تقدمة كتب الشيعة ومنها عقائد الإمامة .
7- تصدر دار التبليغ في إيران مجلة اسمها (( الهادي )) وتنافق هذه المجلة دوما بالدعوة إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية ويبدو أن بعض اهل السنة وقع في شراكهم ففي جمادى الأول من عام 1394هـ قام بزيارتهم مفتي لبنان الشيخ حسن خالد يرافقه وفد من العلماء في أعقاب مؤتمر التضامن الإسلامي وفي الشهر نفسه زار المجلة الأستاذ صالح أبو رقيق وكتب فيها مقالاً تحت عنوان (( تحطيم الإيمان في قلوب المسلمين )) وألقى مفتي لبنان كلمة في احتفال أقيم له قال فيه : (( إن عهود الشقاق والفرقة قد ولت إلى غير رجعة )) مجلة الهادي ص 107
ولكن يبدو أن عهود الشقاق قد ولت عنده وعند وفده وليس عند الشيعة ودليلنا على ذلك أن العدد نفسه من المجلة الذي تحدث عن هذه الزيارة – جمادى الأول عام 1394هـ - جاء فيه هجوم شديد على عثمان بن عفان رضي الله عنه وعلى عبدالله بن أبي السرح وشتمت المجلة بسفاهة معاوية بن أبي سفيان ص 20-21 . وهاجمت المجلة أهل السنة والجماعة من وراء هجومها على ما أسمته الوهابية ص 29 مع أن الوفد الزائر ناسا يعتزون بمحمد بن عبدالوهاب رحمه الله . وفي العدد نفسه مناكير أخرى لا يتسع المجال لعرضها .
فأين الصدق في الدعوة إلى التقارب عند القائمين على المجلة الذين بلغت بهم قلة الحياء منتهاها في وقت كان بوسعهم ن يستخدموا فيه التقية .
وحدة الأمة الإسلامية غاية كل مسلم : (( و ان هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم فاتقون )) و عمل أهل السنة كل ما يقدرون عليه من أجل تحقيق الوحدة فهم يتقربون إلى الله بحب آل البيت ، ويرون أن علياً خير من معاوية رضي الله عنهما ، وأن الحسين خير من يزيد و يعتقدون أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم عدول لا يجوز لأحد أن ينتقصهم أو يشكك بهم . و لو كان الخلاف مع الشيعة حول النزاع الذي نشب بين علي ومعاوية لهان الأمر ، ولكن القضية أكثر عمقاً ، وهذه خلاصة لأوجه الخلاف :
1- نختلف معهم في الأصل الأول من أصول الإسلام - القرآن الكريم - :
ألف أحد كبار علماء النجف وهو الحاج
ميرزا حسين بن محمد تقي النوري
الطبرسي كتاباً سماه (( فصل الخطاب في
اثبات تحريف كتاب رب الأرباب )) جمع
فيه مئات النصوص عن علماء الشيعة
ومجتهديهم في مختلف الاعصور وزعم من
خلالها أن القران قد زيد فيه ونقص .
جاء في كتابهم ( الكافي ) وهو بمثابة
البخاري عندنا مايلي : عن أبي بصير
قال دخلت على أبي عبدالله ...إلى أن
قال ابو عبدالله -أي جعفر الصادق - وان
عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام قال :
قلت وما مصحف فاطمة ؟ قال : مصحف فيه
قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من
قرآنكم حرف واحد )) الكافي ص 239/1
2- نختلف مع الرافضة في الأصل الثاني من أصول الإسلام - السنة - :
لا يؤمن الشيعة بالأحاديث التي وردت في صحيحي البخاري ومسلم ؛ والأمة الإسلامية تلقت هذه الأحاديث بالقبول جيلاً بعد جيل فهي أحاديث متواترة من حيث المعنى .. ولا يؤمنون بمسند الإمام أحمد وموطأ مالك وسنن الترمذي وابن ماجه والنسائي وابي داود وغيرها من كتب الحديث ، وعندما يتصلون بالعامة من أهل السنة يبدأون بتشكيكهم بصحيح البخاري أولاً ثم برواة الحديث من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثانياً .
والرافضة جهلة بعلم الحديث وما
يدرس في جامعاتهم هزيل جداً ، وإذا
سألتهم عن سند حديث قالوا : رواه
الحسين أو الباقر أو موسى الكاظم ،
وليس لك أن تطلب في اثبات ذلك دليلا
علمياً ، وتراهم يرددون قول شاعرهم :
فشايع أناساص قولهم وحديثهم ****** روى
جدنا عن جبرائيل عن الباري
وفي المقابل قام علماء أهل السنة
بغربلة أحاديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم واستبعدوا الأحاديث
الضعيفة والموضوعة بغض النظر عن
مكانتها وأهميتها وأقاموا علم الجرح
والتعديل وما زال علم أصول الحديث
قمة شاهقة وقف أمامه علماء الدنيا
مذعنين ومعجبين .
وكم تكون خسارة المسلمين عظيمة لو تمكن الشيعة من تنفيذ مؤامرتهم على أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فمن السنة وحدها فهمنا القرآن الكريم ومنها تعلمنا كيفية الصلاة والصوم والحج والزكاة . وأن ضياع السنة ضياع الدين كله .
إذا كنا نختلف مع الرافضة في الكتاب والسنة فبدهي أننا نختلف معهم في الإجماع والقياس .
3- يعتقد الشيعة بعصمة علي بن أبي طالب وأحد عشر إماماً من نسله -أي من أبناء الحسين - ويزعمون أنهم أفضل من الأنبياء والرسل باستثناء خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم وأنهم لا يخطئون ويعلمون الغيب إذا شاؤوا ولا يموتون إلا باختيارهم .
4- تقول الرافضة بكفر الصحابة إلا خمسة منهم وهم : علي ، المقداد ، أبوذر ، سلمان الفارسي ، عمار بن ياسر . و إذا ذكروا الجبت والطاغوت فالمقصود بهما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما (الكافي للكليني صفحات 227-258/1 ط ))
5- التقية :
عتقد الشيعة بالتقية ، ويزعمون أن جعفر الصادق قال : (( التقية ديني ودين آبائي )) "المنتقى من منهاج الاعتدال ص 68 " . وإذا سألتهم كيف بايع علي من سبقه من الخلفاء قالوا : لجأ إلى التقية لأنه كان ضعيفاً . ثم تسألهم لماذا زوج علي إبنته فاطمة الزهراء - ام كلثوم - لعمر بن الخطاب فيجيبون : إن ذلك فرج غصبناه . أو يقولون : أن هذا كله تقية. إن عليــاً رضي الله عنه بريء مما نسب إليه وقد نزه الله اولاده وأهل بيته عن هذا الخلق المشين فكانوا شجعانا لا تأخذهم في الله لومة لائم . وعقيدة التقية جرت الويلات على المسلمين ، وكانت تكأة للفرق الباطنية التي تفرعت عن الشيعة كالقرامطة والزنادقة والنصيرية والدرزية . و لقد استغل الشيعة التقية أبشع استغلال في تاريخنا الإسلامي . فالتقية عندهم تعني الكذب وتعني أن يظهر الشيعي خلاف ما يبطن .
6- تعظيم المشاهد والقبور :
يشد الشيعة رحالهم غلى المشاهد والقبور التي يعظمونها في مشهد ، وكربلاء ، والنجف ، وعند هذه القبور ينحرون الذبائح ويطوفون حولها ويطلبون من أصحاب هذه القبور أمورا لا يقدر عليها إلا الله . علماً بأن هذه القبور التي يتغنون بها ويشدون الرحال إليها لا أصل لها ، فليس هناك من دليل على أن عليا رضي الله عنه قد دفن في القبر الذي يحجون إليه في النجف ، كما أنه لم يثبت أن قبر الحسين رضي الله عنه الذي يحجون إليه في كربلاء هو قبر الحسين حقيقة . بل المهم عندهم تعظيم القبور والمشاهد والمقامات ، فتراهم يبنون عليها قبابا من ذهب وينفقون عليها الملايين ، وكأنه لا هم لهم إلا صرف الناس عن التوحيد .
7- المتعة :
وهي جواز نكاح الرجل لأمرأة لمدة معينة ثم يتركها دون أن ترث أو تورث ، ويتفق معها على صداق معين . المتعة أجيزت في بداية الجهاد ثم نسخت بأدلة لا يرقى إليها الشك ومنها حديث سلمة ابن الأكوع الذي رواه مسلم وحديث علي الذي رواه البخاري ، وكان ابن عباس يقول ببقاء الرخصة ثم رجع عنه إلى القول بالتحريم .
هذه بعض خلافاتنا مع الشيعة فلم نتحدث عن مسألة البداء عندهم ولا عن خلافنا معهم في ذات الله وصفاته وفي القضاء والقدر فهم جهميون في الصفات وقدريون في أفعال العباد . كما أننا لم نستعرض خلافنا معهم في سائر أمور العبادة كالطهارة والصلاة والصيام والحج والزكاة ولا في صلاة الجماعة والجمعة والعيدين ولا في الارث والغنيمة وشؤون الحكم . كل هذا لنرد على من يعتقد ويتوهم عن جهل من أهل السنة والجماعة أن خلافنا مع الشيعة في الفروع وليست في الاصول .
سئل الإمام مالك عن الرافضة فقال : (( لا تكلمهم و لا ترو عنهم فإنهم يكذبون )). منهاج السنة جـ1 ص 37
وقال الشافعي : (( مارأيت في أهل الأهواء قوما أشهد بالزور من الرافضة )) منهاج السنة جـ1 ص
وقال شريك بن عبدالله القاضي وقد كان معروفاً بالتشيع مع الاعتدال : (( احمل عن كل من لقبت إلا الرافضة ، فإنهم يضعون الحديث ويتخذونه دينا )) منهاج السنة جـ1 ص38
وقال حماد بن سلمة :
(( حدثني شيخ لهم -يعني الرافضة- قال :
كنا إذا اجتمعنا فاستحسنا شيئا
جعلناه حديثا )) السنةومكانتها في
التشريع مصطفى السباعي ص79
وقال يزيد بن هارون (( يكتب عن كل مبتدع إلا الرافضة فإنهم يكذبون )) المنتقى من منهاج الإعتدال للذهبي ص 22
وقال الأعمش (( أدركت الناس وما يسمونهم إلا الكذابين ))
وقال ابن المبارك : (( الدين لأهل الحديث والكلام و الحيل لأهل الرأي و الكذب للرافضة )) المنتقى ص480
و إليك هذا النقل عن الأستاذ محب الدين الخطيب وهو من العلماء الذين وقفوا بوجه الطوفان الرافضي في العصر الحديث :
(( وينتهي الخطيب باستحالة الإلتقاء مع الروافض لأن الأسس التي يقوم عليها بنيان الدينين مختلفة من اصولها والعميق العميق من جذورها ثم يعدد اختلاف ديننا عن دينهم في القرآن وفي الأحاديث الشريفة وفي عصمة الأولياء وفي الإجماع وستدل بكفرهم بقول أبي زرعة الرازي : ( إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم اولى ، وهم زنادقة )) مقدمة منهاج الاعتدال للخطيب ص 6-10