1- إنّ الإيمان بكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين يحصل به مقصود الإمامة في حياته وبعد مماته ، فمن ثبت عنده أنّ محمدأً عليه الصلاة والسلام رسول الله وأنّ طاعته واجبة عليه واجتهد في طاعته بحسب الإمكان ، إنّ قيل بأنه يدخل الجنة استغنى عن مسألة الإمامة ولم يلزمه طاعة سوى الرسول عليه الصلاة والسلام ، وإن قيل لا يدخل الجنة إلا باتباعه الإمام كان هذا خلاف نصوص القرآن الكريم ، فإنه سبحانه وتعالى أوجب الجنة لمن أطاع الله ورسوله في غير موضع من القرآن ولم يعلق دخول الجنة بطاعة إمام أو إيمان به أصلاً كمثل قوله تعالى {و من يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصدّيقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقاً} وقوله تعالى {و من يطع الله و رسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و ذلك الفوز العظيم}
و لو كانت الإمامة أصلاً للإيمان أو الكفر أو هي أعظم أركان الدين التي لا يقبل الله عمل العبد إلا بها كما تقول الروايات الشيعية، لذكر الله عز وجل الإمامة في تلك الآيات وأكّد عليها لعلمه بحصول الخلاف فيها بعد ذلك، ولا أظن أحداً سيأتي ليقول لنا بأنّ الإمامة في الآيات مذكورة ضمناً تحت طاعة الله وطاعة الرسول لأنّ في هذا تعسفاً في التفسير بل يكفي بياناً لبطلان ذلك أن نقول بأنّ طاعة الرسول في حد ذاتها هي طاعة للرب الذي أرسله ، غير أنّ الله عز وجل لم يذكر طاعته وحده سبحانه ويجعل طاعة الرسول مندرجة تحت طاعته بل أفردها لكي يؤكد على ركنين مهمين في عقيدة الإسلام ( طاعة الله ، وطاعة الرسول )، وإنما وجب ذكر طاعة الرسول بعد طاعة الله كشرط لدخول الجنة لأنّ الرسول مبلّغ عن الله وأنّ طاعته طاعة لمن أرسله أيضاً ، ولمّا لم يثبت لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جانب التبليغ عن الله فإنّ الله عز وجل علّق الفلاح والفوز بالجنان بطاعة رسوله والتزام أمره دون أمر الآخرين.2- قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم ، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر}
فإنّ الله عز وجل أمر المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر منهم ، لكن عند التنازع فالرد لا يكون إلا إلى الله والرسول دون أولي الأمر ، لأنّ الله عز وجل هو الرب ، والرسول هو عن المبلغ عن الله وهو معصوم لا يخطأ في بيان الحق عند التنازع ، أما أولي الأمر فلأنهم ليسوا مبلغين عن الله ولا عصمة لديهم بل مسلمون امتن الله عليهم بالسلطة وأمرنا الله بطاعتهم ما أقاموا الدين ، ولذلك لم يجعل الله الرد إليهم.
ولو كان أولي الأمر معصومون ومبلغون عن الله كما تذكر النظرية الإمامية لجعل الله الرد إليهم ، لكن الله عز وجل أبى إلا أن يجعل الحقيقة واضحة للعيان.